الرياض ٢٠٣٠- طفرة تنموية وحلول مرورية مبتكرة لعاصمة عالمية

المؤلف: عقل العقل10.28.2025
الرياض ٢٠٣٠- طفرة تنموية وحلول مرورية مبتكرة لعاصمة عالمية

تشهد المملكة العربية السعودية نهضة شاملة وتستعد لإطلاق مشاريع عملاقة في مختلف القطاعات الاقتصادية، لا سيما تلك المرتبطة بمخرجات رؤية المملكة الطموحة 2030. تتبوأ العاصمة الرياض مكانة مركزية في هذا التحول، حيث تستضيف فعاليات ومؤتمرات عالمية ومحلية متنوعة، تشمل المجالات الثقافية والترفيهية والسياحية والاقتصادية. وقد بلغت نسبة إشغال الفنادق في الرياض مستويات قياسية وصلت إلى 95٪، بالتزامن مع انعقاد فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي. يتماشى هذا الزخم مع رؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، الذي أكد قبل نحو عام على الأهداف الاستراتيجية الرامية إلى تحويل الرياض إلى واحدة من أكبر عشرة اقتصادات مدن في العالم، وهو ما سيجذب ملايين السكان والسياح على اختلاف اهتماماتهم وتوجهاتهم.

هذه الوثبات التنموية الهائلة تتطلب معالجات سريعة ومبتكرة لضمان جاذبية المدينة للأفراد والشركات الإقليمية والعالمية. ففي كل يوم، نشهد افتتاح مكاتب ومقرات إقليمية لبنوك وشركات تقنية متخصصة في الرياض وفي المملكة بشكل عام. حتى المقيمون في المدينة يلمسون التغيرات الإيجابية في المشهد الاجتماعي، الذي ابتعد عن التقاليد والقيود التي فرضت عليه في الماضي نتيجة لظروف مختلفة، وخاصة بسبب استيلاء التيارات المتشددة على المجتمع. ولكننا اليوم نشعر ونعيش في مدن متسامحة ومتعايشة مع الجميع، على اختلاف ثقافاتهم وتوجهاتهم.

بالطبع، هناك تحديات جمة تتطلب حلولاً عاجلة، خاصة في ظل هذه الطفرة الاقتصادية التي تشهدها العاصمة الرياض، والتي تستعد لاستضافة فعاليات عالمية كإكسبو وكأس العالم في السنوات القادمة، بالإضافة إلى المشاريع الترفيهية والاقتصادية والثقافية التي نشهدها الآن. من بين هذه القضايا الملحة، قضية الازدحام المروري، الذي يعتبر شريان الحياة في أي مدينة في العالم، ويمكن أن يكون عاملاً جاذباً أو طارداً. تعمل الهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض على تنفيذ مشاريع حيوية بمليارات الريالات (13 مليار ريال سعودي)، والتي تم الإعلان عنها في شهر أغسطس الماضي، وتشمل مجموعة مشاريع لتطوير محاور الطرق الرئيسية والطرق الدائرية والجسور، والتي من المفترض أن تساهم في حل مشاكل الازدحام المروري. ومن المشاريع الهامة في هذا السياق، افتتاح مترو الرياض قبل أسابيع، والذي حظي باحتفالية رسمية وشعبية واسعة لا زالت أصداؤها مستمرة.

وقد أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض قبل أيام عن توقيعها عقداً مع شركة «بارسونز» الأمريكية لإدارة تطوير شبكة الطرق في الرياض، وذلك في الوقت الذي تستعد فيه العاصمة السعودية لاستضافة معرض «إكسبو 2030» وكأس العالم لكرة القدم 2034. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تقليل الازدحام المروري خلال فترة الإنشاءات والفعاليات، وتقليل وقت الرحلات داخل المدينة، وابتكار حلول فعالة لمعالجة الأزمات المرورية.

أتمنى أن تكون هذه الخطوة فعالة في معالجة هذه المشكلة المزمنة، على الرغم من أن البعض يرون أنها غير كافية بحد ذاتها، وتحتاج إلى تطوير شامل لمنظومة العمل المروري، خاصة الكوادر البشرية، لضمان تواجدهم الفعال في الميدان. حبذا لو تضمن جزء من هذه الاتفاقية تطوير وتدريب كوادر وطنية متخصصة في هذه الأفكار والاستراتيجيات الجديدة. وهل يمكن أن تكون هذه الخطوة بداية لخصخصة قطاع المرور مثلاً؟

أتمنى أن يتم إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة، وأن نجعل من عاصمتنا مدينة جاذبة للجميع، تتميز بانسيابية الحركة وارتفاع مستوى جودة الحياة فيها، لتضاهي بذلك أفضل المدن العالمية.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة